Reading club

السبت، 13 مارس 2010

الأحد، 7 مارس 2010

الفرسان الثلاثة - أليكساندر دوماس

ربما لهذه الرواية وقع خاص كونها رواية مثل عليا وأخلاق ،حيث تدور أحداث رواية (الفرسان الثلاثة) حوالي العام 1660 بين (فرنسا) و(انجلترا) تحكي مغامرات الفرسان (دارتانيان) الشاب الوسيم ذو الوجه الضاحك الذي يعمل قائدا للحرس الخاص من فرسان الملك، و(آراميس) البطل دوق مقاطعة (آلاميدا) الذي لا يفارقه سيفه وان كان نائما، و(بورتوس)، الذي يمتاز بقوة بدنية هائلة. فبات الفرسان الأذكياء يجولون أمامنا بحرية خيالنا الخصب الذي يصور لنا كيف كان لويس الرابع عشر ملك فرنسا الشاب مستبداً شغوفاً بالنساء محباً للمال ولكنه كان أشبه باللعبة بين يد (الكردينال مازاران) ولا يستطيع الملك تحريك أمر في مملكته دون الرجوع إلى الكاردينال المتسلط. كانت الفكرة تتساوى مع صفاء ما نقرأ، وكأننا نشاهد و لا نقرأ (شارل الثاني) ملك انجلترا يحاول العودة إلى العرش بعد مقتل أبيه (شارل الأول)، وجاء متخفياً بملابس بدت ضيقه عليه، وكأنها ليست له إلى فندق على أطراف باريس يطلب مساعدة ملك فرنسا (لويس الرابع عشر) لاستعادة عرشه من يد جنرال اسكتلندي يدعى (مونك)، لكن الملك الفرنسي لم يستطع تلبية طلب ملك انجلترا فهو لا يملك من أمره شيئاً لكن وعده بمدّ يد العون له مادياً حتى يستطيع تدبر بعض أموره. ولما وصلت القصة إلى مسامع قائد الحرس (دارتانيان)، بواسطة احد جنوده المقربين، فقرر ببطولة ونبل مساعدة الملك (شارل الثاني) ليعود إلى عرشه، فعمل مع عشرة من أشجع فرسانه الذين تنكروا بزي صيادين واستقلوا سفينة صيد هولندية وانطلقوا بها إلى معسكر القائد الاسكتلندي (مونك). حيث قام (دارتانيان) بالتحايل من اجل إغراء (مونك) بالمال، ويتمكن من اقتياده بذكاء مفرط إلى قبو قديم، تفوح منه رائحة العثة، حيث كان في انتظاره الفارس (آتوس) فتم احتجاز (مونك) كرهينة ومن ثم وضعه في قفص خشبي والإقلاع به على ظهر السفينة الهولندية باتجاه (انجلترا) وهناك قدم (دارتانيان) القفص للملك (شارل) الذي أكبر فيه هذا الصنيع متسائلاً في الوقت ذاته عن الطريقة التي سمع بها (دارتانيان) حديث الملكين، ولكنه قال مستدركاً إنني قائد الحرس الخاص، وعلي معرفة كل شيء ومن واجبي أن أقدم يد العون لجلالتكم كما فعلت سابقاً مع والدكم. وتمت المقايضة بالتسوية كما أرادها قائد الحرس المخلص لسيده، و تم التفاهم مع الجنرال (مونك) ومن ثم استرضائه ببعض المقاطعات حتى يتاح للملك (شارل) أن يحكم عرشه الشرعي، وهكذا دخل الملك مدينة (دوفر) ثم عاصمته (لندن) دخولاً فخماً يحيطه إخوته ووالدته، واستقبله الشعب استقبالاً رائعا. كان الحوار في القصة أشبه بغيمة سحر ماطرة، تتقدم فوق المكان فتشبعه ليزدهر باخضراره البهيج، فبعد ان عاد الفرسان إلى فرنسا يحملون الهدايا والمال مدركين أن إصلاح أمر فرنسا أصبح ضرورياً خاصة وأن الملك لويس الرابع عشر غير كفؤ للحكم ولديه شقيق توأم داخل الباستيل، فقاموا بطريقة احتيالية بتزوير توقيع الملك وتحرير شقيقه من السجن، ومن ثم الإدعاء أن الشخص الذي تم إطلاق سراحه ليس هو المقصود، فهذا شخص مجنون يدعي أنه ملك (فرنسا). فكانت حجة مقنعة لتمرير ما أرادوه، حيث صار سخرية العالمين، وكم اتسعت ضحكاتنا يومها، وصارت ضحكة تتواصل كلما تهكم احد جنود الملك على الملك الذي ظنوه معتوها يدعي السلطان، وفي تلك الأثناء كان الفرسان قد استدرجوا الملك الألعوبة إلى خارج قصره ووضعوه في عربة قادته إلى السجن وسط صراخ عظيم يطالب بتحريره لأنه الملك الفعلي، لكن الفرسان قالوا لآمر السجن إنه شخص معتوه لا يستحق العيش خارج السجن فهو يدعي أنه الملك، وطلبوا منه الحرص على أن يبقى في زنزانته إلى الأبد. كانت الفرسان الثلاثة مفتاحا مشوقا لمعرفة ماذا يختبئ من مؤامرات تاريخية عاشها ابطالها، فكتاب (الفرسان الثلاثة) بانوراما أعمال نبيلة أرادها المؤلف الفرنسي العملاق (الكسندر دوماس الاب) (1802- 1870)، مدونها شهادةً على عصر مضطرب فيه الكثير من الدسائس والمؤامرات، وبوجود الرجال الشرفاء تحولت بعض ملامح ذلك العصر إلى أعمال كريمة ناصرت الحق وأعادته إلى أهله وأبرز قصتين مساعدة ملك (انجلترا) للصعود إلى العرش واستبدال ملك (فرنسا) الماجن بشقيقه العاقل المتبصر. فمن منا كان لا يعرف الكسندر (دوماس) الروائي والكاتب الفرنسي المشهور، الذي كان والده مركيزاً في دوقية (أورليان) بفرنسا. ويجري التعريف به أنه الكسندر (دوماس الأب) أو الكبير، حيث هناك كاتب فرنسي آخر تحت الاسم نفسه ويعرف بالكسندر (دوماس الابن) وهو مؤلف رواية غادة الكاميليا. و لا يقل إبداعا أو حضورا برواياته، وكان شديد الإعجاب بالأول، فمن الجدير بالذكر بان (دوماس الأب) لاقى أول نجاح أدبي بفضل مسرحياته التاريخية، هنري الثالث (1829) وكريستين (1830) وانتوني (1831) واتبعها بالتحفة الخالدة (الفرسان الثلاثة) (1844) و(الكونت دي مونت كريستو) في السنة نفسها وكذلك الملكة (مارغو)، ثم زهرة (التوليب السوداء) عام (1850) و(الفيكونت دي برجيلون) (1848)، وذلك فضلاً عن مذكراته ودراساته التاريخية وكتبه عن الرحلات والأسفار. بقيت الرواية تحمل لنا نهج قراءة تتواصل بالتشويق والجمال. ولم نستطع نسيانها، كونها حفرت في ذلك العمق السحيق من الذاكرة، وربما نطل على مكانها وهي تقبع على الرف بانتظار أن نعود إلى طفولتنا ونعيد قراءتها بفارغ الصبر. فنبكي بكائنا الحقيقي الذي سوف يغسل لنا ما نريده أن يغسل.